بقلم المحامية والباحثة في الملكية الفكرية د. رباب احمد المعبي
ما من شكّ أنّ كلّ واحد منّا تخطر في ذهنه فكرة عظيمة بين الحين والآخر، والأفكار تخالجنا دائماً، ولكن نادراً ما نتمعّن بها وننفذها، لذا سأقدم مقترحاً لعل يحقق أهدافها بالتطبيق، لأن المملكة العربية السعودية تعيش نهضة علمية واقتصادية كبيرة في ظل رؤيتها الطموحة وتطبيق الاستراتيجية الوطنية للملكية الفكرية، وهذه الرؤية الوطنية تستلزم نقل وسائل المعرفة الفكرية لإثراء عمليات التحول المعرفي في المملكة، وحيث المكتبات الجامعية في المملكة زاخرة بنتاج الباحثين من البحوث والرسائل العلمية والتي تم الإشراف والموافقة عليها من خلال اللجان الجامعية، وبما أن سياسية الملكية الفكرية في الجامعات توفر الحماية القانونية للأفكار والابتكارات التي يتم تطويرها أو عرضها من خلال العملية البحثية.
آلية استثمار الملكية الفكرية لنتاج الباحثين في الرسائل العلمية والأطروحات النظرية في المؤسسات التعليمية، والتي تعد مصدراً هاماً للاستدامة والعوائد الاقتصادية والفرص التجارية الوطنية والعالمية للباحث والمؤسسات العلمية، والتي ستحقق التوازن في المصالح الاقتصادية المستدامة بين الباحث والمؤسسات التعليمية في مختلف المجالات العلمية، من خلال استخدام التراخيص النظامية (الطباعة والنشر والتسويق) وآمل من الجهات المختصة دراسة الاقتراح والتطبيق لتحفيز النمو والاستثمار المعرفي في المجال الأكاديمي.
في هذا الإطار يستلزم التعريف بمصطلحات الموضوع أو المقترح لتبيان الإمكانية والتنفيذ من خلال الإطار التنظيمي لسياسات الملكية الفكرية في الجامعات. الباحث: هو الشخص الذي يقوم بإجراء البحث العلمي ويبتكر حلولًا أو أفكارًا جديدة وتُعتبر الرسالة البحثية ملكًا للطالب كحقوق ملكية فكرية كمؤلف، إلا إذا تم الاتفاق بين الباحث والمؤسسة التعليمة بنقل بعض الحقوق.
المؤسسة التعليمية: هي المؤسسة الأكاديمية التي تقدم التوجيه الأكاديمي والإشراف على الرسالة العلمية لتحقق المعايير الأكاديمية، ومن ثم منح الإجازة العلمية، وفي بعض الحالات تقوم المؤسسة العلمية بتمويل البحوث العلمية وبذلك تمتلك الجامعات حقوق الملكية الفكرية للأبحاث التي تمولها فأصبحت المؤسسات التعليمية محورية في تطوير الابتكار والبحث العلمي بفضل قدرتها على جمع الموارد الأكاديمية والمالية. الإيداع والنشر العلمي: وفقاً للوائح الدراسات العليا للحصول على وثيقة الدرجة العلمية، يستلزم من الباحث إيداع نسخة من الأطروحة في مكتبة الجامعة لأغراض الأرشفة والحفظ وفق سياسات الملكية الفكرية للمؤسسة العلمية والتوقيع على نموذج الإفصاح بحقوق النشر والإيداع. الملكية الفكرية: هي مجموعة الحقوق التي تحمي الفكر والإبداع الإنساني وتشمل حق المؤلف والحقوق المجاورة وبراءات الاختراع والعلامات التجارية والنماذج الصناعية والأصناف النباتية والتصميمات التخطيطية للدارات المتكاملة. إدارة الملكية الفكرية في الجامعات: هي الجهة المشرفة والمنظمة لجميع جوانب حقوق الملكية الفكرية وتعمل من خلال إطار تكاملي لحماية واستثمار للملكية الفكرية بمعايير وطنية جاذبة للباحثين. المصنفات الأدبية: المصنفات التي يعبر عنها بالكلمات أياً كان محتواها، وهي إما أن تكون مكتوبة أو شفهية. الترخيص الإلزامي لمصنفات حقوق المؤلف: الإذن للغير باستغلال المصنف، دون موافقة المؤلف أو أصحاب حقوق المؤلف، والتي تتيح للمؤسسات التعليمية وهيئات البث الاستفادة من خدمة الترخيص الإلزامي للترجمة والاستنساخ وفقاً للضوابط النظامية. حقوق النشر: توفير نسخ من المصنف لتلبية حاجات الجمهور وتحمي الأعمال الأدبية والفنية ويُمنح حامل حق النشر الحق في التحكم في استخدام إنتاجه وأعماله، بما في ذلك الحق في نسخها، ونشرها، والتعديل عليها.
أهداف وركائز الاستراتيجية الوطنية للملكية الفكرية:
الاستراتيجية الوطنية للملكية الفكرية تعد إحدى ممكنات تحقيق مستهدفات رؤية المملكة، والتي تهدف إلى بناء منظومة للملكية الفكرية تدعم الاقتصاد الوطني القائم على الابتكار والإبداع من خلال إنشاء سلسلة قيمة للملكية الفكرية تحفّز تنافسية الابتكار والإبداع وتدعم النمو الاقتصادي لتصبح المملكة رائدةً في مجال الملكية الفكرية. وتعزيز قدرة المملكة على توليد أصول ملكية فكرية ذات قيمة اقتصادية واجتماعية عالية لتنشيط اقتصاد السوق من خلال حماية الملكية الفكرية وللمساهمة في نمو الاستثمارات وجذبها. ثم يليها ركيزة الاستثمار التجاري لتكون إحدى ركائز الاستراتيجية الوطنية للملكية الفكرية والتي تستهدف تعزيز القدرة التنافسية للمنتجات التجارية وإدارتها واستثمارها وحمايتها بفاعلية على الصعيد الوطني لتحفيز النمو والعوائد الاقتصادية بما يحقق أهداف رؤية المملكة العربية السعودية2030م.
المؤسسات التعليمية والشراكة مع الباحثين:
تشهد الجامعات اليوم إنتاجًاً غزيرًا من البحوث الناتجة عن رسائل التخرج والماجستير والدكتوراه، والتي تحفظ في المكتبات الجامعية للإثراء العلمي أو الإتاحة كمصادر للمعلومات الرقمية المحلية والدولية وتنظيمها ونشرها لخدمة مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي والمؤسسات الحكومية والخاصة في المملكة العربية، ومع تزايد الاهتمام بتعزيز الابتكار وتطوير الاقتصاد المعرفي، برزت فكرة المقترح والذي يتضمن الآتي:
“إنشاء شراكة بين الجامعات والباحثين”، تستهدف استثمار الرسائل العلمية النظرية المميزة من خلال تقديم التسهيلات اللازمة للباحث لمصنفه الأدبي بتوفير خدمات ماسة للباحث ومنها خدمات النشر في المجلات العلمية والطباعة للمصنف والنشر والتسويق والمشاركة في الفعاليات والمعارض الوطنية والعالمية، مع إضافة خدمات الترجمة والترويج لها عالمياً، مقابل تخصيص نسبة ربحيه لصالح المؤسسة التعليمية من خلال التراخيص النظامية.
ومن أثار التعاون بين المؤسسات التعليمية والباحث الآتي:
- تتزايد أهمية الاستثمار في الرسائل العلمية بشكل فعال، نظراً للكم الكبير الصادر من المؤسسة التعليمية من خلال منسوبيها الباحثين.
- يعد هذا المقترح خطوة مؤثرة يمكن أن تحقق فوائد اقتصادية ومعرفية للطرفين، وتسهم في تعزيز مكانة الجامعات والباحثين على الساحة العربية والدولية.
- يتسم هذا المقترح بقدرته على تحقيق نقلة نوعية في التعامل مع الرسائل العلمية النظرية بتعظيم الاستفادة بتحويلها إلى موارد معرفية تُطبع وتُنشر وتُتاح للجمهور المحلي والعالمي.
- في ظل الأطر التنظيمية لهذا الجانب البالغ الأهمية سيمكن من تحويل المصنفات الأدبية الجامعية إلى منتجات تجارية تحقق العوائد الاقتصادية لطرفي العلاقة.
- نشر الأبحاث في المجلات العلمية المرموقة والمكتبات والمعارض سيسهم برفع التصنيف الأكاديمي للمؤسسة العلمية على المستوى العالمي.
- النشر والترجمة سيعزز من سمعة الباحث ومكانته العلمية مع استمرارية العلاقة بين الباحث والجامعة في مجال الأبحاث العلمية.
- انتشار الأبحاث من خلال دعم الجامعات بالنشر سيساهم في تحقيق نمو اقتصادي معرفي مستدام في وجذب الاستثمارات.
- إبراز دور المؤسسات العلمية كمؤسسات منتجة للمعرفة ومساهمة في تنمية الاقتصاد المعرفي الوطني وزيادة القيمة المضافة.
تم بحمدالله وتوفيقه والله أعلم وأحكم
مع تحيات
المحامية والمحكم التجاري
د. رباب احمد المعبي
Rabab_Almoobi@
966570773999+
966504647649+
[email protected]