حقوق المرأة في أنظمة الأحوال الشخصية
الحضانة لغة واصطلاحا
الحضانة لغة هي ضم الشيء إلى الحضن واصطلاحاً: التزام الحاضن برعاية المحضون وتربيته والقيام بحفظه وتدبير جميع شؤونه
شروط الحضانة
١ – الإسلام: فلا حضانة لكافر على مسلم.
٢ – البلوغ والعقل: فلا حضانة للمجنون والمعتوه.
٣- الأمان في السكنى: فلا حضانة لمن يسكن في مكان غير أمن ويكثر فيه الفساد.
٤ – القدرة: فلا حضانة لعاجز بدنيا أو كبير في السن أو فقيراً.
٥ – السلامة الصحية: فلا حضانة للمريض مرض مزمناً او معدياً وبحاجة لمن يعتني به.
٦ – الرشد: فلا حضانة لسفيه.
٧- الحرية: فلا حضانة للمسجون والمحكوم عليه بحكم قضائي.
٨ – العدالة: فلا حضانة لخائن لأنه غير مؤتمن ولا لفاسق كالمتعاطي للمخدرات أو شرب الخمر أو المتحرش والزاني وكل مرتكب سلوك يتنافى مع الشرع والآداب العامة.
٩ – المعاملة الحسنة: فلا حضانة للمُعنِف ومن يؤذي المحضون جسدياً ويضربه
١٠ – ان تكون المرأة غير متزوجة
مسقطات الحضانة
إذا سقط أي شرط من شروط الحضانة او أخل الحاضن بهذه الشروط وثبت ذلك، سقطت الحضانة.” فإذا أصبح الحاضن مريضاً أو غير عادلاً فتسقط حضانته هنا.
ترتيب الحضانة
١- للأبوين طالما كانا مرتبطين .
2- للأم في حال الفراق .
3- لام الأم ” الجدة ”
4- للأب .
بالنسبة لأخت الام “الخالة” فمختلف في أحقيتها بالحضانة قبل الاب ، ولكن اذا ثبت أن الأب غير صالح ترجح “أخت الام – الخالة” واذا لم يوجد ترجح “أم الاب – الجدة” واذا لم يوجد ترجح “أخت الاب – العمة” .. وهكذا.
سلطة المحكمة في تعيين الحاضن
ينظر القضاء في دعاوى الحضانة للأصلح للمحضون، فمتى كانت الأم أصلح من الأب في الحضانة ومكملة لكل الشروط المذكورة تكون الحضانة لها مهما بلغ اعمار الأبناء، فالأصل في الحضانة انها للأم، وإذا ثبت عكس ذلك وكان الأب أصلح من الأم في الحضانة تكون الحضانة له.
وتعمل المحاكم السعودية في دعاوى الحضانة بالقواعد الفقهية:
١ -الحضانة حق للمحضون.
٢ -عماد الحضانة هو “الأصلح” للمحضون.
فإذا كانت الأم أصلح من أصلح للمحضون من الأب ، كانت الحضانة لها ، وإذا كانت حضانة الأب أصلح للمحضون كانت الحضانة له.
كيف يحدد من الأصلح للمحضون
إذا قامت دعوى الحضانة وادعى المدعي بان المدعى عليه غير صالح للحضانة، يقع عليه عبء الإثبات.
إعمالاً بـ: (البينة على من ادعى، واليمين على من أنكر) مثال ذلك: إذا ادعيتي أو ادعيت بان له/ـها سابقة قضائية مخلة بالشرف والامانة أو مسجوناً يتم اثبات ذلك عن طريق الحكم الصادر بحقه/ ـها .
أو كان الادعاء بالعجز أو المرض ، يتم إثبات ذلك عن طريق المستشفى . فوسائل الإثبات إما: بالإقرار أو بالمستندات، أو بالشهود، أو بالقرائن وأخيراً باليمين.
أثر زواج الأم على حقها في الحضانة.
إذا تزوجت الأم الحاضنة فلا تسقط حضانتها في ثلاث حالات:
الحالة الاولى: إذا وافق زوجها الذي تزوجت به على حضانة أبنائها، فلا تسقط حضانتها.
الدليل على ذلك: قال ابن القيم رحمه الله: (ان الزوج إذا رضي بالحضانة وأثر كون الطفل في حجره لم تسقط الحضانة، هذا هو الصحيح)
السبب في موافقة الزوج: لأنها قد تنشغل الحاضنة بحضانتها للمحضون وتقصر في حقوقه الزوجية، فإذا وافق على الحضانة تبقى معها.
سابقة قضائية لحضانة الأم لأبنائها وهي متزوجة: إذ قررت المحكمة أن بقاء الأولاد مجتمعين في حضانة أمهم فيه مصلحة لهم، ورفضت المحكمة أن تنتقل الحضانة للجد لكبر سنة، وبشرط موافقة زوج الأم على حضانة الابن ( يراجع صك رقم 34271962 وتاريخ 18/7/1434ه ، مجموعة الأحكام القضائية لسنة 1434هـ ، ص208 وما بعدها) .
الحالة الثانية: إذا ثبت عدم صلاح الأب في حضانة أبناءه، فلا تسقط حضانة الأم في هذه الحالة وتستمر الحضانة معها.
ومن أمثلة عدم صلاح الأب في حضانة أبناءه كون الابنة في حضانته وهو يعمل عسكريا وهو الأمر الذي يستلزم بقاءه في عمله لفترات طويلة قد تصل إلى خمسة عشر يوما، وهو الأمر الذي لا يجعله صالحا لرعاية ابنته الذي تقضي فترات طويلة مع زوجة الأب، لذا فإن انتقال حضانتها إلى الأم يعد مصلحة للإبنة (يراجع الصك رقم 34181979 وتاريخ 8/4/1434ه، مجموعة الأحكام القضائية 1434هـ، ص 267 وما بعدها).
الحالة الثالثة: لا تسقط الحضانة إذا لم يوجد اعتراض على زواج الأم الحاضنة.
فإذا اعترض الأب على حضانة الأم المتزوجة، فإنه يكون من حق أم الأم التدخل في الدعوى طبقا لنص م/ 79 من نظام المرافعات الشرعية 1435هـ وطلبها حضانة الأبناء إذا ثبت صلاحها للمحضون وتوافرت فيها الشروط.
ومن ثم وبمفهوم المخالفة فإن عدم اعتراض الأب على حضانة الأم المتزوجة للبنت يعد موافقة ضمنية على هذه الحضانة، ويظل الأبناء في حضانة الأم كأصل عام ما لم يعترض الزوج على ذلك (مجموعة الأحكام القضائية 1434هـ، ص 242 وما بعدها)
إذا كان الأبوين متعادلين في الصلاح لمن تكون الحضانة؟
إذا كان الأبوين متعادلين في الصلاح فإن الأمر يرجع لنظر القاضي وفق ما يعرض عليه من وقائع، والقضاة في ذلك فريقين على النحو الاتي: –
١- هناك من القضاة من يخير الأولاد ذكور وإناث إذا كانوا أهلاً للاختيار من بلوغ وعقل وحسن إدراك، وإن لم يكونوا اهلًا للاختيار لصغر سن أو عته فتكون الحضانة للأم. (يراجع الصك رقم 34258488 وتاريخ 3/7/1434هـ، مجموعة الأحكام لعام 1434هـ).
٢- وهناك من القضاة من يخير الذكر فقط إذا كان اهلًا للاختيار، وأما الأنثى فيحكم لها بان تكون الحضانة لأمها. (يراجع صك 34192283 وتاريخ 21/4/1434هـ، ص 280 وما بعدها)
متى ترفع دعوى الحضانة؟
ترفع دعوى الحضانة متى ما انفصل الأبوين عن بعضهما
سواء كان بالطلاق أو أثناء الفسخ أو بالهجر ، أي اذا لم يتم الطلاق بينهما فعلياً وكان فقط انفصال عن بعضهما يحق لكل منهما المطالبة بأبنائه لحضانتهم ) يراجع صك رقم 3449875 وتاريخ 27/7/1434ه ، وما بعدها ، مجموعة الأحكام القضائية لعام 1434هـ ، ص 212 وما بعدها).
ما هو الاختصاص المكاني لرفع دعوى الحضانة؟
ترفع دعوى الحضانة في مكان إقامة المدعية حسب نظام المرافعات الشرعية، فقد أعطى النظام المرأة حق الاختيار إما أن ترفعها في مكان إقامتها أو في مكان إقامة المدعى عليه وترفع إلى محكمة الأحوال الشخصية إن وجدت وإن لم توجد محكمة أحوال شخصية في المدينة التي تقيم فيها الزوجة طالبة الحضانة ترفع الدعوى في المحكمة العامة (م/39 من نظام المرافعات الشرعية 1435هـ).
إجراءات رفع دعوى الحضانة وآلية نظرها والفصل فيها:
١ – الدخول إلى موقع وزارة العدل وتعبئة طلب “صحيفة دعوى الكترونية “.
٢ – التوجه إلى محكمة الأحوال الشخصية إذا وجدت في منطقتك، وإذ لم يوجد التوجه إلى المحكمة العامة، ورفع الدعوى في قسم الدعاوى والإحالات.
٣ – أخذ موعد الجلسة الأولى، والحضور في يوم وتاريخ الموعد المحدد.
٤ – تفتح الجلسة بحضور المتخاصمين وسماع دعوى المدعي والرد على دعواه من قبل المدعى عليه.
٥ – تحال القضية إلى قسم الصلح في المحكمة، لدراسة القضية والجلوس مع المتخاصمين وكتابة تقرير للقاضي مفاده لمن يَرَوْن الأصلح للحضانة.
٦ – يُقيم قسم الصلح ثلاث جلسات، الجلسة الاولى يستمع فيها إلى المدعي، والجلسة الثانية يستمع فيها إلى المدعى عليه، والجلسة الثالثة يجتمع فيها كل من المدعي والمدعى عليه.
٧ – يكتب قسم الصلح تقرير للقاضي بما يرونه أصلح استناداً على جلساتهم مع المتخاصمين.
٨ – إذا ادعى المدعى أو المدعى عليه على الاخر يطلب منه الإثبات.
٩ – يحكم القاضي بعد سماع الدعوى ومستنداً على تقرير المصلحين في قسم الإصلاح وما تم إثباته من المتخاصمين.
١٠ – يسلم صك الحكم لمن حكم لصالحه في الدعوى ويختم بالصيغة التنفيذية وبالقرار رقم 1167/11/35، والمتضمن أحقية الحاضنة في مراجعة الأحوال المدنية والجوازات والسفارات وإدارات التعليم والمدارس وإنهاء ما يخص المحضون من إجراءات لدى جميع الدوائر والجهات الحكومية والأهلية ما عدا السفر بالمحضون خارج البلاد فلا يكون إلا بإذن من القاضي في بلد المحضون إذا كان الحاضن غير الولي ، ويعامل طلب الإذن بالسفر معاملة الأمور المستعجلة (يراجع قرار المجلس الأعلى للقضاء رقم 1167/11/35 وتاريخ 30/10/1435هـ)بالإضافة إلى تضمين صك الحضانة (أن للحاضن استلام المبالغ التي تصرف للمحضون من إعانات ومكافأت شهرية أو موسمية من الجهات الحكومية والأهلية) حسب تعميم رقم (٩٨٧ / ت وتاريخ 17/2/1439هـ).
١1- للمعترض على الحكم الاعتراض خلال ثلاثين يوم من تاريخ إصدار الحكم.
١2- يتوجه من حكم لصالحه إلى محكمة التنفيذ، ويتم تنفيذ الحكم حسب الإجراءات المنصوص عليها في نظام التنفيذ.
العلاقة بين السن والحضانة:
العبرة نظاما وقضائا هي بمصلحة المحضون وصلاح من يحكم له بالحضانة بغض النظر عن السن وبغض النظر عن كون المحضون ذكر أم أنثى، ومن ثم إذا بلغ المحضون سن السابعة أو أي سن لا يعني ذلك بالضرورة انتقال الحضانة إلى الأب.
إمكانية رفع دعوى الحضانة أكثر من مرة:
دعوى الحضانة هي الدعاوى المتجددة، ومن ثم فإنه يمكن إعادة رفعها أكثر من مرة، فمتى كان الحاضن غير صالح وسقط شرط من شروط الحضانة أو اختل، يحق لمن لم يحكم لصالحه بالحضانة، رفع دعوى حضانة على الحاضن مرة أخر.
أجرة الحضانة:
هي المقابل المالي الذي يدفعه الأب لمن يتولى حضانة أولادة، وهناك ثلاث أنواع للأجرة على النحو الآتي:
١- أجرة الرضاعة: إذا كان المحضون رضيعاً.
٢- نفقة المحضون: وهي نفقة واجبة على الأب لتستطيع الحاضنة النفقة على المحضون.
٣- اجرة الحضانة: مقابل رعاية المحضون.
أثر النشوز على الحضانة
نشوز الزوجة لا يسقط الحضانة مطلقاً، وليس من مسقطات الحضانة، ويحق للأم المطالبة بحضانة أبنائها وإن كانت ناشزاً، لأن النشوز يفقدها حقوقها الزوجية من نفقة وسكنى ومعاشرة، أما حق الحضانة لا تفقده لأنه حق للمحضون ومرتبط به (يراجع صك رقم 22452402 وتاريخ 2/11/1433هـ، مجموعة الأحكام لعام 1433هـ، ص246 وما بعدها).
وصية الأب في الحضانة
لا تقبل ولا يملك الأب أن يوصي على حضانة أبنائه دون الأم ، لأن الحضانة ليست حقاً له وإنما حق للمحضون ، والأم أولى بحضانة أبنائها من غريب أو قريب موصى له
صحة الطلاق مقابل حضانة الأبناء
إذا تم الطلاق مقابل حضانة الأبناء فإن هذا الشرط يعد باطل، ولا يعتد به، وفي حال تم الطلاق او الفسخ أو الخلع مقابل ذلك، لا يسقط الحضانة ومن حق الام المطالبة بحضانة أبنائها (يراجع صك رقم 3425291 وتاريخ 27/6/1434هـ، مجموعة الأحكام لعام 1434هـ، ص293)
انتهاء مدة الحضانة
تنتهي مدة الحضانة متى ما أصبح المحضون عاقلاً وقادراً على القيام بشؤونه ومصالحه والاعتماد على نفسه – اي بعد بلوغه سن ١٥ سنة
اثبات الحضانة دون رفع دعوى
بإمكان من تحضن أبنائها ولا يوجد لديها أي إثبات على ذلك، أن تتوجه إلى محكمة الاحوال الشخصية، قسم الانهاءات، وتطلب إنهاء” إثبات حضانة” وتحضر معها اثنين شهود واثنين يشهدون بأنها هي الحاضنة للأطفال ولا يوجد لها منازع فيها، أي لا يوجد لديها دعوى حضانة ونزاع في موضوع الحضانة.
إجبار الأم على الحضانة
لا تجبر الأم على حضانة أبنائها، كما جاء في كشف القناع ٥/ ٤٩٦، ولما قرره أهل العلم أن الام إذا امتنعت من حضانة الطفل، لم تجبر عليها، لأنها غير واجبة عليها.
دعوى الحضانة ودعوى الضم
١ – لا تسمع دعوى الحضانة إذا كان المحضون عاقل وبالغ لسن خمسة عشر سنة وما فوق، بل تقام دعوى ضم على الولد مباشرة سواء ذكر أو أنثى.
٢ – البالغ الرشيد من ذكر أو أنثى لا حضانة عليه، وإليه الخيرة في الإقامة عند من يشاء من ابويه” يراجع قرار المحكمة العليا رقم (٥٢/ ٣/ ٣) وتاريخ ٢٣/ ٧/ ١٤٣٣هـ”.
الولاية والحضانة والوصاية:
فالولاية لغة: النصرة، وشرعا: القدرة على التصرف أو هي: تنفيذ القول على الغير. وقد يكون مصدرها الشرع كولاية الأب والجد، وقد يكون مصدرها تفويض الغير كالوصاية ونظارة الوقف.
والولايات متعددة كالولاية في المال، والنكاح، والحضانة، وتختلف من تثبت له الولاية من نوع إلى نوع، فقد تكون للرجال فقط. وقد تكون للرجال والنساء. والحضانة نوع من أنواع الولايات الثابتة بالشرع، ويقدم فيها النساء على الرجال.
أما الحضانة فهي في اللغة: مصدر حضن، ومنه حضن الطائر بيضه إذا ضمه إلى نفسه تحت جناحيه، وحضنت المرأة ابنها إذا جعلته في حضنها أو ربته، والحاضن والحاضنة الموكلان بالصبي يحفظانه ويربيانه، وحضن الصبي يحضنه حضنا: رباه. والحضانة شرعا: هي حفظ من لا يستقل بأموره، وتربيته بما يصلحه.
وأما الوصاية فهي في اللغة: الأمر، وشرعا: الأمر بالتصرف بعد الموت، كوصية الإنسان إلى من يغسله أو يصلي عليه إماما، أو يزوج بناته ونحو ذلك، فالوصاية ولاية كغيرها، إلا أنها تثبت بتفويض الغير، أما الحضانة فهي ثابتة بالشرع، وقد يكون الوصي حاضنا.
ويتبين من خلال ما سبق أن الولاية أعم حيث يدخل فيها كل من الوصاية والحضانة غير أن الوصاية تكون بتفويض الغير، وأما الحضانة فتكون ثابتة بالشرع.
أقسام الولاية
تنقسم الولاية قسمين على النحو الآتي:
القسم الأول: الولاية على النفس:
وهي بدورها تنقسم قسمين:
الأولى ولاية التربية والحفظ والرعاية وهي ما تعرف في الفقه بالحضانة، ويكون دور الحاضن تربية الولد والقيام عليه بتدبير شؤونه، والعمل على ما يصلحه ويستقيم به أمره في المدة التي لا يستغني فيها عن النساء ممن لهن الحق في تربيته شرعا، وهي حق للأم ثم للمحارم من النساء بترتيب محدد شرعا. والثانية هي حق الإشراف على شئون القاصر الشخصية كالتزويج والتعليم والتأديب والعلاج، وبين ولاية الحضانة وولاية الإشراف مشاركة زمنية تنتهي بانتهاء مدة الحضانة.
القسم الثاني: ولاية التصرف في شؤون القاصر جبرا عليه، وذلك بنفاذ الأقوال والتصرفات في كل أمر يتعلق بنفس الصغير المولى عليه، وهذه الولاية قد تكون من القوة بحيث تخول للولي إجبار المولى عليه على الزواج، أو الاعتراض على سلوك فيه واختياره له، والحيلولة بينه وبين التصرفات الضارة.
أصحاب الولاية:
تثبت ولاية الصغير للأب جبرا، فلا يحتاج الأب إلى اللجوء إلى المحاكم لفرض ولايته على ابنه، فإن لم يكن له أب تنتقل الولاية إلى وصي الأب إن كان قد أوصى بذلك، وإلا فتكون الولاية للحاكم، وهذا هو المشهور في المذهب الحنبلي، وهناك رواية أن للجد ولاية جبرية بعد الأب، وأن ولايته لا تحتاج إلى حاكم ليقيمه، وقد وجه مجلس القضاء الأعلى في السعودية بأنه لا مانع من أن يثبت الحاكم هذه الولاية احتياطا لحقوق القصر خروجا من الخلاف. شروط الولاية على النفس
يشترط فيمن يقام وليا على القاصر ما يلي:
1- البلوغ: وهو يعلم بظهور علاماته أو إتمام سن الثامنة عشرة.
2- الرشد: لأن غير الرشيد يكون محجورا عليه فلا يولى على غيره.
3- العدالة: وهي أن يمتثل الرجل مايعتقده واجبا، وينتهي عما هو محرم، ويراعي المروءة، وتكفي العدالة الظاهرة فلا يحتاج الحاكم إلى تعديل من يريد توليته على الصغير.
4- الحرية: فلا ولاية للعبد على ابنه الحر، وهذا الشرط ليس معمولا به غالبا في الأزمنة المتأخرة.
صلاحيات الولي:
لولي الصغير عموما أن يتصرف في مال المولى عليه على الوجه الذي يرى أن فيه مصلحة وحظا للصغير، ولا يحق له أن يتعدى لقوله تعالى (وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ): الأنعام: 152، أي: لا تقربوا مال اليتيم إلا بما فيه صلاحه وتثميره حتى يبلغ أشده – يعني الحلم والرشد- فإن أتى بتصرف يضر بمصلحة القاصر فعليه ضمان ذلك الضرر الذي لحق بمن ولي عليه لأنه يكون حينئذ مقصرا.
ومن التصرفات الجائزة للولي:
1- الإنفاق على من ولي عليه من ماله.
2- إخراج الزكاة من مال القاصر، وكذلك إخراج فطرته.
3- التجارة: يجوز للولي أن يتاجر بمال القاصر دون أن يتقاضى لقاء ذلك أجرا، وعلى أن يكون الربح كله للمولى عليه، والتجارة بمال القاصر أولى من تركه لقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: اتجروا في أموال اليتامى لئلا تأكلها الصدقة.
4- دفع مال المولى عليه إلى أمين يتجر فيه بجزء من الربح، لأن الولي نائب عن المولى عليه في كل ما فيه مصلحة له.
5- هبة مال المولى عليه بعوض قدر قيمته أو أكثر.
6- رهن مال القاصر عند ثقة إذا دعت الحاجة، وكذلك شراء العقار له من ماله ليستغل مع بقاء الأصل له، وكذلك بناء العقار له من ماله بما جرت به عادة أهل البلد، وأيضا بيع عقاره إذا دعت الحاجة.
7- الإذن للمميز بالتجارة لقوله تعالى: (وَابْتَلُوا الْيَتَامَىٰ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ ۖ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُوا ۚ وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ ۖ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ ۚ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبًا ) النساء: 6، ويكون ذلك بتفويضه بأمر البيع والشراء ونحوه في ماله.
8- الأكل من مال المولى عليه بمقدار الأقل من أجرة المثل أو كفايته من غير إسراف لأنه يستحق بالحاجة والعمل معا.
حكم تصرفات القاصر
إذا قام الصغير بأي تصرف في ماله مثل البيع والشراء وغيرهما، فإما أن يكون مميزا مأذونا له من وليه بالتجارة أو غير مأذون له، فإذا كان مأذونا له فتكون جميع تصرفاته صحيحة، بحيث تثبت له جميع الحقوق الناتجة عن تصرفه، وكذلك تثبت عليه جميع الالتزامات، أما إذا كان غير مأذون له بالتجارة فتكون جميع تصرفاته متوقفة على إجازة وليه، فإن أجازها صحت وإلا فتكون باطلة.
إجراءات تعيين الولي
تبدأ إجراءات تعيين الولي على القاصر باستدعاء يقدم إلى المحكمة المختصة، والمحكمة المختصة بالنظر في مثل هذه الاستدعاءات حسب النظام القضائي السعودي هي المحكمة الكبرى الموجودة في منطقة إقامة القاصر، ويوضح في الاستدعاء وفاة الأب وأنه لم يوص بالولاية على أولاده القصر أحدا، وحاجة القاصر إلى ولي يقوم على شؤونه. وبعد قيد الاستدعاء يحول إلى أحد قضاة المحكمة إن كان بالمحكمة أكثر من قاض، ويقوم القاضي بسؤال المتقدم بطلب الولاية عن الأب المتوفى والقصر من أولاده ومحل إقامتهم وعلاقته بهم، وعما إذا كان الأب قد أوصى قبل وفاته لأحد بالولاية على أولاده القصر، وبعد شهادة شاهدين عدلين بصحة ما ذكر وبصلاحية طالب الولاية على القصر من حيث القوة والأمانة، يتم ضبط الإنهاء في ضبط الإنهاءات ثم يسلم للولي صك الولاية.