مكة المكرمة – أحمد الأحمدي
أشاد عدد من المختصين بما سبق وأن أكدته الدكتورة هلا مزيد التويجري الأمين العام لمجلس شؤون الأسرة على أهمية علوم التقنية الحديثة في إدماج كبار السن بالمجتمع من خلال المبادرات لخدمتهم وتلبية احتياجاتهم، لافتين إلى أن التقنية أصبحت اليوم عاملا مهما؛ لتحقيق جودة الحياة لجميع فئات المجتمع، موضحين في الوقت نفسه أن جائحة كورونا كشفت أهمية ذلك بشكل كبير؛ حيث تحولت جميع الأعمال المقدمة للعملاء في كافة القطاعات الخدمية إلى رقمية، مما اضطر كافة أفراد المجتمع للتعامل معها لتسيير أمورهم العملية والحياتية، خاصة تلك الضرورية مثل تطبيقات «توكلنا واعتمرنا وأبشر» والتطبيقات البنكية وخلافها من التطبيقات الإلكترونية.
وأضافوا أن الدولة تسعى جاهدة لتسهيل جودة الحياة لهم لافتين إلى أن التقنية تلعب دورا كبيرا في المجتمعات، وذلك للتطور الكبير الذي أحدثته ثورة الاتصالات وتقنية المعلومات التي جعلت من العالم قرية صغيرة.
بداية.. قال مستشار تقنية المعلومات ومدير عام الإدارة العامة لتقنية المعلومات بوزارة الداخلية وأمانة العاصمة المقدسة سابقا المهندس جمال عبد الله الهندي: لاشك أن التقنية أصبحت عاملا مهما لتحقيق جودة الحياة لجميع فئات المجتمع، وقد كشفت أزمة كورونا ذلك بشكل كبير؛ حيث تحولت جميع الأعمال والخدمات المقدمة من مختلف الجهات إلى خدمات رقمية تم تقديمها عن بُعد، واضطر غالبية أفراد المجتمع إلى التعامل مع هذه التطبيقات الرقمية مثل” توكلنا واعتمرنا وأبشر والتطبيقات البنكية وغيرها من التطبيقات الخدمية. وكما نعلم جميعا فإن فئة كبار السن هي من الفئات المهمة في المجتمع، وتسعى الدولة، رعاها الله، إلى توفير حياة كريمة ومستقلة لهم والاعتماد بشكل أكبر على التقنية المتطورة لتسهيل جودة الحياة لهم. وفي الوقت الحاضر، تتطلع الجهات المعنية والشركات المتخصصة للتوصل إلى أحدث التقنيات في هذا المجال للمساعدة في تحقيق ذلك الهدف. وهناك العديد من المبادرات التقنية التي يمكن تطبيقها لفئة كبار السن ومنها: الرعاية الطبية وذلك من بتسهيل تقديم الفحوصات الطبية ومتابعتها عن بُعد من خلال العيادات الافتراضية، وباستخدام تطبيقات التواصل الرقمي مع المستشفيات والأطباء لتخفيف عناء الذهاب إلى المستشفيات، كما يمكن توفير الأدوية دوريا وإيصالها لهم وتنبيههم بمواعيد تناول الأدوية من خلال برامج التنبيه في الأجهزة الذكية.
الدعم الطبي
واستطرد الهندي بقوله: بالإضافة إلى إمكانية استخدام أجهزة الروبوت المنزلية لتقديم الدعم الطبي لهم في المنازل، وذلك من خلال برامج إنترنت الأشياء المرتبطة بالأجهزة المنزلية لتسهيل استخدامهم للأجهزة المختلفة بالمنزل مثل تشغيل وإطفاء الأجهزة الكهربائية وأجهزة استشعار الدخان وإطفاء الحريق وغيرها، ومتابعتهم عن بُعد من قبل أهاليهم من خلال الكاميرات الرقمية المتوفرة داخل المنازل والمرتبطة بأجهزتهم الذكية في أوقات تواجدهم في المنزل بدون أي مرافق مما يشعرهم ويشعر أهاليهم بالأمان.
فضلا عن توفير الرعاية الثقافية والترفيهية وذلك من خلال استخدام تطبيقات الكتب الرقمية وحضور المحاضرات الافتراضية واستخدام تطبيقات المقاطع التوعوية المرئية ومنصات الأفلام الرقمية، ومنصات الألعاب الرقمية المختلفة وتطبيقات الواقع الافتراضي والواقع المعزز، التي تعتبر عنصرا مهما للتسلية وقضاء أوقات الفراغ.
إلى جانب خدمات التواصل الأسري، وذلك من خلال تطبيقات التواصل الاجتماعي المرئي مثل” الزوم والفيس تايم والديو والسكايب” وغيرها للتواصل مع أبنائهم وأهاليهم وأصدقائهم المقيمين في مناطق أخرى، وبما يجعلهم يشعرون بأنهم مازالوا بالقرب منهم.
ثروة بشرية
بدوره قال المحامي القانوني فيصل الغربي: لقد أولت الحكومة الرشيدة اهتماماً بالغاً لكبار السن؛ لما كان لهم من دور كبير. ومن أبرز هذه الاهتمامات صدور نظام كبار السن؛ نظرا لأهميتهم في المجتمع باعتبارهم ثروة بشرية، وكذلك الفئة التي تمتلك الخبرة والدراية في مجالات الحياة، التي ساهمت في تطوير المجتمع وتنميته.
إلا أنه حصلت بعض التغيرات المتسارعة في المجتمع السعودي، مما أثر على قدرات كبار السن، ومن ضمن هذه التغيرات دخول التقنية في كافة مجالات الحياة، ونتيجة لذلك فإن هناك دورا كبيرا على المجتمع في التعامل مع كبار السن ضمن مبادئ خاصة؛ أهمها المبادئ الإنسانية، ومن ثم مبدأ الدمج والتكامل والتغيير والتنمية، وكذلك مبدأ تقديم الخدمات الاجتماعية.
كما أن نظام كبار السن فرض حتى على الجهات الحكومية واجبات تجاه كبار السن؛ حيث إن لهم الأولوية في الحصول الخدمات الأساسية التي تقدمها الجهات الحكومية وبخاصة الخدمات الصحية والاجتماعية، وكذلك منحه بطاقة امتياز تمكنه من الاستفادة من كافة الخدمات العامة لضرورات حياته اليومية ومراعاة كبر سنه في كافة المجالات، بالإضافة إلى خصومات على كافة الخدمات العامة، وذلك حسبما نصت عليه المواد( 11,12,13) من نظام كبار السن.
ثقافة رقمية
الدكتور علي بن سويعد القرني أستاذ المناهج وتقنيات التعليم بكلية التربية بجامعة أم القرى قال: تلعب التقنية دورا كبيرا وحيويا في المجتمعات، وذلك للتطور الكبير الذي أحدثته ثورة الاتصالات وتقنية المعلومات التي جعلت من العالم قرية صغيرة، وساهمت في تشكيل ثقافة رقمية واحدة يشترك فيها جميع أطياف المجتمع بما فيهم المتقدمون في السن الذين قد يجد بعضهم صعوبة في مواكبة هذا التقدم والانضمام لهذا المجتمع وتشرّب هذه الثقافة؛ مما يجعلهم في عزلة عن مجتمعهم نتيجة الفجوة الرقمية بين الجيلين؛ لذا فإن استهداف هذه الفئة من كبار السن بالبرامج والدورات المقننة والمتوافقة مع احتياجاتهم، بالإضافة لتسخير وتوفير التطبيقات المختلفة المناسبة لمتطلباتهم الاجتماعية والنفسية والطبية بلاشك سيضيق هذه الفجوة، ويجعلهم يشعرون بالانتماء لهذا المجتمع الرقمي، مما يعزز لديهم إيمانهم بدورهم الإيجابي في المجتمع الذي يعيشون فيه.
ضغوط المجتمع
من جهتها، أوضحت الدكتورة رباب أحمد معبي، المحامية والمستشارة الاجتماعية أن أخطر ما يتعرض له المسن، هي تلك الضغوط التي يفرضها المجتمع من خلال التقاعد الإجباري، وما يصاحب ذلك من شعور بالوحدة وفقدان الثقة بالنفس وعدم وجود دور وهدف في الحياة، وغالبا ما يكون مقرونا بفراغ هائل ويوم طويل، ومبادرة إدماج كبار السن في المجتمع والاشتراك في الأنشطة الاجتماعية المختلفة تساند المسن بالارتباط والتفاعل مع المجتمع والعطاء والإنتاجية؛ حيث أكد نخبة أطباء، ومستشارون نفسيون أن أغلبية كبار السن يحظون بحياة نشطة وفاعلة، إذا تم اندماجهم بالمجتمع، لذا ينبغي تحقيق صحتهم البدنية التي من شأنها أن تعزز صحتهم النفسية ودعم الجوانب المعنوية لديهم، حيث إن كبار السن يتعرضون لتحديات وأمراض نفسية تابعة لهذه المرحلة، وينبغي الأخذ بأيديهم للتغلب عليها من خلال معرفة الأسباب والتعمق بها وصولاً لسبل العلاج، إضافة إلى توفير احتياجاتهم النفسية والصحية والاجتماعية والاقتصادية للمراحل العمرية المتقدمة، وبما يضمن اندماجهم في المجتمع، وتوفير حياة كريمة وآمنة لهم ودعمهم بالانسجام مع الآخرين والانفتاح نحو التغيير والتطوير والإيمان بأن العطاء والإنتاج لا يرتبط بسن معين، وهناك العديد من الأمثلة الواقعية في حراك الحياة فمثلا فقد ظل الشاعر الجواهري يقرض الشعر وهو في التسعين من عمره، وروى مذكراته عن تسعين سنة. كما استمر “نجيب محفوظ” محتفظا بطاقته على العمل والنشاط حتى التسعين من العمر.
نقلا عن صحيفة البلاد