تُعتبر العلاقة الزوجية في الشريعة الإسلامية رابطة مقدسة وميثاق غليظ تقوم على المودة والرحمة، ورغم أن الطلاق في بعض الحالات قد يكون الحل الأفضل، وقد شرع الإسلام أحكاماً تنظم كافة جوانبها بما يضمن حقوق الزوجين وحقوق الأطفال ويحفظ استقرار المجتمع، ومن هذه الأحكام ما يتعلق بمرحلة ما بعد الطلاق، وتحديدًا حق الزوجة المطلقة في البقاء في منزل الزوجية حتى انتهاء عدتها، هذه القاعدة الشرعية ليست مجرد حق، بل هي توجيه إلهي يحمل في طياته حكمة عظيمة، فالأصل الشرعي لحق الزوجة في السكن أثناء العدة في منزل الزوجية ، حيث ورد في القرآن الكريم نص واضح يؤكد حق المطلقة في البقاء في منزل الزوجية أثناء العدة، حيث قال الله تعالى: لقول الله سبحانه: يا أيها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ [الطلاق:1]
فالواجب على المطلقة طلاقاً رجعيّاً أن تبقى في البيت عند زوجها، لعله يراجعها، وليس له إخراجها، وليس لها الخروج، فالله سبحانه بين أنهن لا يخرجن ولا يخرجن، هذا هو الواجب على المرأة أن تبقى في البيت حتى تنتهي العدة، وليس لها الخروج، وليس للزوج إخراجها أيضًا.
أما إذا كانت بائنة طلقها ثلاث؛ فإنها تخرج من منزل الزوجية فقد طلقت فاطمة بنت قيس واعتدت خارج بيت زوجها، وقال لها النبي ﷺ: إنه ليس لك عليه سكنى ولا نفقة لأنه قد أبانها، طلق آخر ثلاث.
وأما الرجعية فكما تقدم الواجب بقاؤها في البيت، وليس لها الخروج وليس له إخراجها، لأن هذه وسيلة إلى رجعته لها، قال الله سبحانه بعد النهي عن خروجها وإخراجها، “لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا ” [الطلاق:1] والمراد يعني: الرجعة، ربما راجعها وسهل عليه أمر المراجعة، لأنها في البيت.
الآية القرآنية تحمل بُعداً اجتماعياً وإنسانياً عميقاً، لإتاحة إمكانية إصلاح العلاقة الزوجية، خاصة في حالات الطلاق الرجعي، وهو الطلاق الذي يُمكن فيه للزوج مراجعة زوجته دون عقد جديد خلال فترة العدة.
الشرع يسعى دائمًا إلى الإصلاح فوجود الزوجة في منزل الزوجية فترة العدة قد يساهم في تقريب وجهات النظر وإحياء المودة ومراجعة مواقفهما والعودة للصواب والتروي يمنح فرصة لإيجاد حلول مرضية للطرفين خاصة عند وقوع الطلاق في لحظات الغضب ووجود أطفال.
إن الالتزام بمنهج الشريعة يحقق التوازن بين الحقوق والواجبات ويهدف إلى تحقيق الاستقرار الأسري وتقليل الآثار السلبية للطلاق وضمان العدل والرحمة في العلاقات الأسرية قال تعالى “وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ”[الطلاق:1].