مختصر كتاب اقتصاديات حقوق الملكية الفكرية على المصنفات الموسيقية بين الواقع والمأمول 1444ه والذي يتضمن أهمية تفعيل (اتفاقية حماية منتجي الفونوغرامات) لأثرها الاقتصادي المتدفق .
تأليف: د. رباب احمد المعبي rabab_almoobi@
الاستثمار هو المحرك الاقتصادي للدول، من خلال استغلال الابتكارات في الميدان الصناعي والثقافي والتجاري والفني، وبالتالي أصبحت الدول المتقدمة هي الممول للدول النامية في ميدان التكنولوجيا وذلك عن طريق استغلال منتوجات الملكية الفكرية (العلامات، البراءات، والموسيقى..) وأهم طرق استغلال هذه الحقوق يكون عن طريق التراخيص والرقابة من خلال الذكاء الاصطناعي والتي تعتبر وسيلة عملية وهامة للتنافس بين المنتجين والموردين للسلع والخدمات، ومن بين أهم الوسائل والآليات الناجحة لنقل المعرفة الفنية وهو الأمر الذي من شأنه تحقيق التنمية الاقتصادية للدول.
حق المؤلف (حقوق الملكية الأدبية والفنية) تعتبر من أهم الحقوق لاتصالها بأسمى ما يملكه الإنسان وهو العقل الذي كرمه به الله عن سائر خلقه، لذلك ظهرت الحاجة إلى توفير الحماية القانونية لثمرة هذا العقل وهو الأبداع، فالإبداع ما هو إلا انعكاس لشخصية المؤلف فوجب لإبداعه الاحترام والحماية وضمان بقائه كما يرتضيه صاحبه، ولا شك أن حقوق الملكية الفكرية وخاصة حقوق المؤلف والحقوق المجاورة قد تأثرت بشكل كبير في التطور التكنولوجي وظهرت إلى حيز الوجود البيئة الرقمية والمصنفات الرقمية، حيث ما ينشر في البيئة الرقمية أو الفضاء الإلكتروني هي حقوق مالية لصاحبها، ولا يجوز استغلالها بأي شكل من الأشكال إلا بأذن وموافقة مالكها.
وبما أن الاستثمار هو المحرك الاقتصادي للدول المتقدمة وذلك من خلال استغلال الابتكارات في الميدان الصناعي والثقافي والتجاري والفني، وحيث سوق الموسيقى ينتعش في ظل الاقتصاد الرقمي وتعد صناعة الموسيقى في الدول العربية مصدراً هام لتنمية الاقتصاد، حيث تدخل في تنمية قطاعات حيوية، أبرزها القطاع السياحي والثقافي والترفيهي. وفي ظل انتشار الأدوات التكنولوجية، بدأت تتغير معالم الخارطة الموسيقية، فالإنتاج “الفني الرقمي” أصبح الاستثمار الأنجح والأمثل لدى العديد من الشركات المختصة بإنتاج الأعمال الفنية وتسويقها، حيث ترتفع معدلات النفاذ إلى الإنترنت على الصعيد العالمي، ويتوقع أن يزداد النفاذ العالمي إلى الموسيقى وتوفر أسواق الموسيقى غير المستثمرة في الاقتصادات الناشئة والبلدان النامية والتي تعتبر إمكانات هائلة لتنمية التجارة وزيادة الاستثمارات في المصنفات الموسيقية المحلية، وحيث تركز منظمة “الويبو” للملكية الفكرية على “الإبداع الرقمي: الثقافة تتجدد”، على الفرص والتحديات العديدة التي تطرحها الثورة الرقمية ولا سيما تأثيرها في سبل إنتاج الموسيقى وغيرها من المصنفات الثقافية وتوزيعها والتمتع بها في شتى أنحاء العالم فضلاً عن الأهمية الدائمة لحقوق الملكية الفكرية في الاعتراف بالمبدعين ومكافأتهم وتوليد قيمة اقتصادية من أعمالهم، وإضافة إلى القيمة الإنسانية والثقافية للموسيقى، فإن قيمتها الاقتصادية مستمدة من حقوق الملكية الفكرية المتصلة بالمصنفات الأصلية وأدائها ونشرها، ولعل هذه الحقوق هي ركيزة المعاملات التجارية اليومية والعديدة في قطاع الموسيقى.
فمفهوم الملكية الفكرية يكتسب أهمية بالغة لأنه يرتبط بإنتاج الأفكار والإبداع وابتكار تكنولوجيا المعلومات وما يرتبط بها من نشر للمعرفة ودورها في تنشيط الاقتصاد العالمي لتحديد قوة الدولة، ومن أهمية حقوق الملكية الفكرية ضمان وحماية وسلامة المصنفات من أي تحريف أو أضرار قد تصيبها وضمان حقوق المؤلف المادية والمعنوية على هذه المصنفات، ومفهوم حق المؤلف هو مصطلح قانوني يصف الحقوق الممنوحة للمبدعين فيما يخص مصنفاتهم الأدبية والفنية ويغطي طائفة مصنفات واسعة من الكتب والموسيقى واللوحات الزيتية والمنحوتات الحاسوبية وقواعد البيانات والإعلانات والخرائط الجغرافية والرسوم التقنية. وحق المؤلف؟ هي مجموعة المصالح المعنوية والمادية التي تثبت للشخص على مصنفه، فما هي الحقوق المجاورة؟ هي مجموعة الحقوق التي تمنح لبعض الأشخاص أو الهيئات التي تساعد على إتاحة المصنف للجمهور وتنقسم الملكية الفكرية إلى نوعين :
النوع الأول الملكية الأدبية والفنية: وتشمل حقوق المؤلف والحقوق المجاورة ، فحق المؤلف: يضم المصنفات الأدبية والفنية كالروايات والقصائد والمسرحيات والأفلام والألحان الموسيقية والرسوم واللوحات والصور الشمسية والتماثيل، والتصميمات الهندسية ،والكتب، والكتيبات.. الخ، والحقوق المجاورة لحق المؤلف: هي حقوق فناني الأداء المتعلقة بأدائهم وحقوق منتجي التسجيلات الصوتية المرتبطة بتسجيلاتهم وحقوق هيئات الإذاعة المتصلة ببرامج الراديو والتلفزيون. والنوع الثاني الملكية الصناعية: والتي تتضمن الاختراعات (البراءات) والعلامات التجارية، والرسوم، والنماذج الصناعية، الدوائر المتكاملة، الأسماء التجارية، الأصناف النباتية، الأسرار التجارية. وتنقسم حقوق المؤلف إلى نوعين : الأول : حقوق معنوية (أدبية) والثاني : حقوق مادية وهي حق المؤلف في استغلال مصنفه.
وهذه الحقوق تندرج تحت فئتين رئيسيتين، وهما : الحقوق المعنوية :وهي حقوق ترتبط بشخص المؤلف ولا تنفصل عنه وتصبح جزء من شخصيته، فهي من الحقوق اللصيقة التي لا تقوم بالنقود ولا تسقط بالتقادم، ولا يجوز التعامل فيه، وبمقتضى نظام حماية المؤلف ينتقل هذا الحق للورثة، ولكن بقيود معينة
والحقوق المالية : وهي الحقوق التي ترد للمؤلف على مصنفه وبمقتضاه يكون للمؤلف حق استثمار مصنفه، والحصول على مقابل من وراء نشره، أو إذاعته، أو تشخيصه، أو ترويجه، أو استنساخه والسماح باستعماله، وقوام هذا أنه يتضمن عنصراً مالياً يفيد المؤلف فيما يدره عليه استغلال الإنتاج الأدبي أو الفني من أرباح مادية وخيرات اقتصادية في حياته أو من خلفه بعد وفاته، وهو الشخص الوحيد الذي يملك التصرف بمصنفة أو الترخيص للغير باستغلاله بالطريقة التي يراها مناسبة دون مزاحمة غيرة فتعود له وحدة العوائد المالية الناتجة عن هذا الاستغلال.
فحماية حق المؤلف :يشمل حق المؤلف كافة الإبداعات في مجالات الأدب والنحت والفنون أيا كان شكل أو طريقة التعبير عنها أو أهميتها أو الغرض وضعها، وهذه المصنفات تكمن فيما يلي : المصنفات المكتوبة – المصنفات التي تلقى شفوياً – المصنفات المسرحية والموسيقية – المصنفات السينمائية – المصنفات الفنية كالرسم والنحت -الخرائط الجغرافية والتصوير -المصنفات المجسمة المتعلقة بالجغرافيا أو العلوم -المصنفات الداخلة في فنون الرسم والتصوير بالخطوط والألوان أو الحفر – المصنفات التي تؤدى بحركات – المصنفات التي تستعمل تقنية المعلوماتية – فنانو الأداء (مغنين – موسيقيين – راقصين – ممثلين – وغيرهم) – منتجو الفونغرامات – هيئات الإذاعة وحق النسخ وطباعة وتسجيل العمل ونشرة بكل الطرق المتوفرة. وحق الأداء العلني ونقل العمل إلى الجمهور بشكل سلكي أو لا سلكي -حق التحوير من شكل إلى آخر – حق الترجمة – حق النشر، فحقوق المؤدين ومنتجي التسجيلات الصوتية وهيئات الإذاعة: تسجيل أدائهم غير المسجل – عمل نسخ من التسجيلات – بث أدائهم بوسائل لاسلكية على الهواء – نقل أدائهم على الهواء للجمهور ولمنتج التسجيلات الصوتية حق إجازة أو منع: بإعادة إنتاج تسجيلاتهم – التأجير التجاري لتسجيلاتهم أو النسخ منها، وتتمتع هيئات الإذاعة بحق منع: تسجيل البرامج الإذاعية وعمل النسخ من هذه التسجيلات وإعادة البث عبر وسائل البث اللاسلكي ونقل هذه المواد للجمهور بالتلفزيون وذلك وأن تم من دون ترخيص منهم.
أثر انضمام المملكة العربية السعودية للاتفاقيات الدولية: من أهم ما قامت به المملكة العربية السعودية في هذا الشأن انضمامها إلى المنظمة العالمية للملكية الفكرية WIPO بتاريخ 22 مايو 1982م،ثم الانضمام لاتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية واتفاقية بيرن لحماية المصنفات الأدبية والفنية بتاريخ 11 مارس 2004م ،وأيضا اتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة من حقوق الملكية الفكرية TRIPS، وانضمام المملكة إلى اتفاقية لحماية منتجي الفونوغرامات وتسمى الاتفاقية ” اتفاقية لحماية منتجي الفونوغرامات من استنساخ فونوغراماتهم دون تصريح” وتعد إحدى الاتفاقات الدولية في مجال الملكية الفكرية، وتتعلق على نحو خاص بالتسجيلات الصوتية. حيث يقصد بالفونوغرام (التسجيل الصوتي) وفقاً للمادة الأولى من الاتفاقية: هو كل تثبيت صوتي -دون سواه- للأصوات التي مردها عملية أداء أو أصوات أخرى، وتنص “اتفاقية الفونوغرامات” على التزام كل دولة متعاقدة بحماية أي منتِج للتسجيلات الصوتية من مواطني دولة متعاقدة أخرى من إنتاج أية نسخ دون موافقته، ومن توزيعها على الجمهور، ومن استيرادها إذا كان استيرادها بغرض توزيعها على الجمهور، وتدير الاتفاقية المنظمة العالمية للملكية الفكرية (الويبو) بالاشتراك مع منظمة العمل الدولية الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، وقد اعتمدت هذا الاتفاقية في جنيف عام 1971م.
أثر الاستثمار في الاقتصاد الموسيقي: يمكن لمالك الحقوق الاقتصادية على عمل موسيقي أن يدر دخلاً من هذا العمل، إذ يمكنه بيع العمل أو ترخيصه للغير، وهو شركة أو فرد ذو وضع جيد لتسويق العمل لقاء مقابل مالي وترتهن المدفوعات عادة بالاستخدام الفعلي للمصنف، ونظراً إلى عبء إبرام المؤلفين وفناني الأداء اتفاقات ترخيص مع كل محطة إذاعة أو تلفزيون أو شركة تود استخدام مصنفاتهم، يبرم الموسيقيون وغيرهم من المبدعين غالباً اتفاقات ترخيص استئثاري مع منظمة إدارة جماعية، وتعمل منظمات الإدارة الجماعية باسم مؤلفي الأغاني والموسيقيين وفناني الأداء وتقيم شبكات بين المبدعين والراغبين في استخدام مصنفاتهم. وقد تجيز القوانين الوطنية لمنظمة إدارة جماعية أن تتفاوض باسم المؤلفين أو فناني الأداء، وتتولى هذه المنظمات السماح باستخدام الأعمال الإبداعية؛ وتحصيل رسوم الترخيص والأرباح وتوزيعها، ورصد حالات إساءة الاستخدام والتعدي على الحقوق، “فالاقتصاد الموسيقي” بدأ يضاهي في حجم مداخيله ما تدرُّه كبرى الشركات الصناعية في مجالات الطائرات والسيارات والحواسيب على المستوى العالمي، وعلى الرغم من أنّ هذا الاقتصاد ما زال في بداياته الأولى بالمنطقة العربية، إلا أنّ ذلك لا يمنع من التنبؤ مستقبلًا بتطور واعد، وقد سبق أن توقف التقرير الخامس للتنمية الثقافية (مؤسسة الفكر العربي، التقرير الخامس للتنمية الثقافية: الاقتصاد العربي القائم على المعرفة، ( 2012م) عند هذا المعطى، مؤكدًا أنّ هذا النوع من الاقتصادات بدأ يتموضع في المنطقة العربية، فخدمات البثّ تعيد إحياء القطاع الموسيقي وتدرُّ الأرباح: شهد قطاع الموسيقى حركة بيع وشراء الحقوق والأعمال بشكل دائم، وقد سجل أكبر انتعاش له منذ عقود ، وهو ما يرجع بشكل كبير إلى بروز جهات متحمسة لشراء القوائم الغنائية، بالإضافة إلى انخفاض معدلات الفائدة، حيث نجحت خدمات البث في إعادة إحياء القطاع، وما لبث أن بدأ المستثمرون بالعودة إليه. وفي العام 2016، توقعت مجموعة “غولدمان ساكس” أن يتضاعف حجم قطاع الموسيقى الذي يشمل الموسيقى الحية، والراديو، والموسيقى المسجلة والنشر ليصل إلى 103.9 مليار دولار بحلول العام 2030؛ وأن يتضاعف حجم النشر الموسيقي من 5.4 مليار دولار، ليصل إلى 9.3 مليار دولار في الفترة ذاتها، واليوم، صار بإمكان مؤلفي الأغاني أن يجنوا الأموال بطرق أوسع من أي وقت مضى؛ فإلى جانب الراديو والإعلانات والتلفزيون، هم يجنون العائدات من خدمات البثّ ووسائل التواصل الاجتماعي، وألعاب الفيديو وحتى تطبيقات اللياقة البدنية. ويقول كليفويتز، إنه يمكن للأغنية الناجحة أن تجني الإيرادات من أكثر من 20 ألف مصدر، من بينها “تيك توك” و”يوتيوب” و”بيلوتون” و”سبوتيفاي”.
واستطاع هذا السوق جذب العديد من المستثمرين، بينهم شركات خاصة، وصناديق استثمارية، وشركات ناشطة في مجال بيع وشراء الموسيقى، وقد أثار هذا الحجم من الإنفاق اهتمام المستثمرين المترددين في الأعمال الموسيقية، فقد استثمرت شركات إدارات الأصول مثل “بلاك روك” وشركات الأسهم الخاصة مثل KKR و”بروفيدنس أكويتي بارتنرز”،وهم يبحثون اليوم عن المزيد من الاستثمارات في القطاع. حيث نشرت صحيفة الرياض أن صناعة الموسيقى تضيف 8،3 مليارات جنيه للاقتصاد البريطاني سنوياً وتشير أرقام نشرت مؤخراً إلى أن واحداً من كل ثماني البومات موسيقية تباع حول العالم من صنع نجم بوب موسيقي بريطاني، ما يعود بمليارات الجنيهات على البلاد كل عام. وتقول مؤسسة “يو كي ميوزيك” التجارية إن صناعة الموسيقى البريطانية نمت بنسبة 9 بالمئة مضيفة 8 ,3 مليارات جنيه إسترليني للاقتصاد البريطاني. وتقول جو ديبل رئيسة مؤسسة يو كي ميوزيك إن صناعة موسيقى البوب تعود على الدولة بأموال تزيد كثيرا عما تحققه صناعة السيارات حالياً، ومن أبرز نجوم البوب البريطانيين اديل وايللي غولدينغ اللتان تبيعان البومات تتصدر أعلى القوائم الموسيقية في أوروبا والولايات المتحدة. وأضافت ديبل قائلة:” إسهام الموسيقى في اقتصادنا القومي ارتفع بنسبة 9% في العام الماضي، إننا نتزعم العالم في تأليف الأغنيات وتلحينها وإنتاجها وتسجيلها وفي إقامة الحفلات الموسيقية الحية. ومع ذلك، قالت ديبل إن على الحكومة بحاجة إلى بذل المزيد من الجهد لحماية حقوق الملكية الفكرية وتوعية الشباب حول أهمية دفع المال مقابل مزيد ما يحصلون عليه من موسيقى، بجانب الالتفات الى قضية القرصنة، وحثت المواقع الإلكترونية على عدم بث الموسيقي غير المرخصة. ونشرت صحيفة أرقام بأن صناعة الموسيقى تدعم اقتصاد بريطانيا بـ 4.1 مليار إسترليني في 2014 م، وكشفت تقارير أن قطاع الموسيقى في المملكة المتحدة قد دعم الاقتصاد في البلاد بأكثر من 4 مليارات جنيه إسترليني في العام الماضي، متجاوزًا معدل نمو الاقتصاد. ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” عن هيئة “موسيقى المملكة المتحدة” التجارية أن صناعة الموسيقى في البلاد قد دعمت الاقتصاد بحوالي 4.1 مليار جنيه إسترليني في عام 2014م، وأظهرت البيانات أن سوق الموسيقى في المملكة المتحدة سجل نمو بمعدل 5%، متجاوزاً الاقتصاد البريطاني الذي نما بنسبة 2.6% في 2014م، وسجلت إيرادات الموسيقيين، والمغنيين، وغيرهم من العاملين بالقطاع ارتفاعًا بنحو 11% إلى 1.9 مليار إسترليني، في حين صعدت مبيعات الموسيقى المباشرة بنسبة 17% إلى 924 مليون إسترليني، وفي حين انخفضت إيرادات تسجيلات الموسيقى بنحو 3 ملايين إسترليني، تصل إلى 615 مليون جنيه إسترليني في العام الماضي، ونجح قطاع صناعة الموسيقى في المملكة المتحدة في توظيف 117 ألف شخص في العام الماضي، منهم 69.3 ألف من الموسيقيين المحترفين.
نمو عائدات صناعة الموسيقى العالمية لسنة 2019م بالبليون دولار أمريكي(1)
إحصائيات الاقتصاد الموسيقي عام (2021-2026): من المتوقع أن يشهد سوق الموسيقى العالمي معدل نمو سنوي مركب يبلغ 8.5٪ في فترة التوقعات (2021 – 2026)، وصلت صناعة الموسيقى إلى مستوى عالمي بطريقة لم تكن من قبل، لم يكن مجتمع الموسيقى العالمي أكثر ارتباطاً من قبل، ويستغل المعجبون والفنانون على حدٍ سواء فرص هذا العصر الجديد للاستمتاع بالموسيقى التي يحبونها ومشاركتها. وقدمت المنصات على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي مثل YouTube ، فرصاً للفنانين الصاعدين لعرض أعمالهم وتقديمها إلى العالم، والموقع هو ثاني أكثر منصات التواصل الاجتماعي شهرة والموقع الذي تمت زيارته بعد Googleينمو سوق الموسيقى بشكل ملحوظ في منطقة آسيا والمحيط الهادئ وأمريكا اللاتينية، حيث يستغل الفنانون بنشاط الفرص للانطلاق إلى الجمهور العالمي.
بالإضافة إلى ذلك، تستثمر شركات التسجيل على نطاق واسع في فناني الموسيقى، حيث كانت شركات التسجيلات أكبر المستثمرين في النظام البيئي للموسيقى وفقًا لـ IFPI ، تستثمر شركات التسجيل أكثر من 5.8 مليار دولار أمريكي سنويًا في الفنانين من خلال مجموعة الفنانين والمرجع A&R والتسويق في جميع أنحاء العالم، ومن المتوقع أن تستمر هذه الزيادة في الاستثمارات في فترة التنبؤ، والتي من المتوقع أن تدفع نمو سوق الموسيقى، ونظراً لأن السوق يحتوي على إمكانات نمو أعلى جنباً إلى جنب مع الفنانين الذين يستغلون فرصة الجيل الرقمي، فإن مؤسسات الموسيقى تبذل جهوداً أيضاً لدعم تنميتها على المدى الطويل مع الاستدامة(2).
تدفقات الموسيقى يشهد أكبر جيل من الإيرادات: إلى جانب الانتشار السريع للإنترنت في جميع أنحاء العالم، تبنت صناعة الموسيقى أيضاً الاتجاه الرقمي برشاقة، وتتراجع عائدات الموسيقى المادية باستمرار، وقد اكتسبت منصات البث عبر الإنترنت مثل Spotifyو Apple Music و YouTube Premium و Tindale زخماً على مر السنين، وفقاً للبيان الصحفي الصادر عن Spotify ، فقد وصل عدد المشتركين المدفوعين في جميع أنحاء العالم إلى 108 ملايين بحلول الربع الثاني من عام 2019م، بنمو يزيد عن 8٪ عن الربع السابق، وتقيم الشركات العاملة في مجال الموسيقى شراكات إستراتيجية على نطاق واسع مع خدمات بث الموسيقى المتقدمة عبر الإنترنت لمشغل تسجيل الموسيقى، على سبيل المثال، أعلنت شركة Napster ، موفر الخدمة عبر الإنترنت التي تركز على الموسيقى، عن الدخول في تعاون مع Sony Music لإطلاق تنسيق 360 Reality Audio المتدفق إلى الشركات الاستهلاكية على مستوى العالم بحلول عام 2020م، ستوفر منصة البث هذه للشركات مجموعة من الحلول للموسيقى وتدفق الوسائط وتنزيل البنية التحتية والتطبيقات وإدارة الحقوق وفواتير العملاء وإدارة حقوق الملكية وذكاء الأعمال. كما تمت مناقشته سابقاً، يعد موقع YouTube ثاني أكثر مواقع الويب زيارة في جميع أنحاء العالم، حيث يعد تدفق الموسيقى أحد الأسباب المهمة لذلك بعد أغنية Despacito للفنان الأمريكي اللاتيني Luis Fonsi – Despacito حصلت على أعلى المشاهدات على YouTube ، أعطت سوق الموسيقى في المنطقة دفعة للنمو والاستثمارات وفقًا لموقع YouTube ، حصلت الأغنية على 6.39 مليار مشاهدة اعتباراً من أغسطس 2019م وتليها Ed Sheeran Shape of you عند 4.35 مليار مشاهدة.
الولايات المتحدة في عام 2018م مدفوعاً بالزيادة في إيرادات الموسيقى المسجلة بسبب زيادة عدد الاشتراكات المدفوعة، وفقاً لتقرير صادر عن اتحاد الموسيقى في الدولة RIAA ، فقد تجاوز هذا الرقم رقم 60 مليون بحلول الربع الثاني من عام 2019م، كما كانت الخدمات الإذاعية الرقمية والمخصصة بمثابة اتجاه متزايد في البلاد، بالإضافة إلى ذلك تقدم الشركات في المنطقة أمثلة من خلال تحقيق النمو المستمر في الإيرادات. فعلى سبيل المثال ، مجموعة يونيفرسال ميوزيك UMG التي تتخذ من نيويورك مقراً لها بدعم من Vivendi أعلنت مؤخراً أن إيرادات UMG في الأشهر التسعة الأولى من 2018م نمت بنسبة 19.5٪ لتصل إلى 5.63 مليار دولار أمريكي بسبب النمو الكبير في الاشتراكات والإيرادات المتدفقة وأيضاً بنسبة 14.9٪ زيادة مبيعات منتجاتها المادية، علاوة على ذلك يتنافس مقدمو خدمات بث الموسيقى في الدولة بشكل استراتيجي من خلال إطلاق حزم الحزم، وذكرت Financial Times أن Apple قد تدمج Apple Music و Apple TV مع إطلاق خدمات بث الفيديو وتقديم حزمة بسعر 13 دولاراً أمريكياً شهرياً مع هذا الإطلاق، وخططت Apple لتحقيق إيرادات تزيد عن 50 مليار دولار أمريكي سنوياً بحلول عام 2020م، مما يمنح منافسة شديدة لمنافستها Spotifyومن المتوقع أن تستمر هذه المنافسة والاستثمار من قبل شركات التسجيل الموسيقي في فترة التوقعات مما يؤدي إلى تعزيز سوق الموسيقى في الدولة.
إحصائيات الاقتصاد الموسيقي لعام 2022 م و2023م
شهدت السوق العالمية للموسيقى المسجلة نمواً في 2023 م، للسنة التاسعة على التوالي، بفضل ازدهار الاشتراكات لقاء بدلات مالية في خدمات البث التدفقي، وظاهرتَي تايلور سويفت والكاي-بوب. وأعلن الاتحاد الدولي لصناعة التسجيلات الصوتية في تقريره السنوي أن قيمة المبيعات في هذه السوق وصلت إلى 28.6 مليار دولار، أي بزيادة قدرها 10.4 في المئة عما كانت عليه عام 2022م، وشكّل البث التدفقي الموسيقي العنصر الأساسي في تحقيق هذه النتائج، إذ مثّل نصف المبيعات بفعل زيادة بنسبة 11.2 في المئة في الاشتراكات في المنصات المختصة على غرار “سبوتيفاي” و”آبل ميوزيك” و”ديزر”. وتجاوز عدد هذه الاشتراكات 500 مليون، إذ وصل بنهاية عام 2023م إلى 667 مليون مستخدم للحسابات المدفوعة. وباتت إيرادات هذا القطاع قريبة من تلك التي كانت تُسجّل في مطلع القرن، قبل أن تظهر القرصنة في مجال الصناعة الموسيقية وتدفع الجهات المعنية إلى ابتكار نماذج اقتصادية جديدة. وكذلك ساهمت التسجيلات المادية في النمو، إذ شهدت مبيعات الأقراص المضغوطة “سي دي” وأسطوانات الفينيل زيادة بنسبة 13.4%، وبلغت حصتها من إجمالي السوق 17.8 بالمئة، وشهدت كل مناطق العالم نمواً كبيراً في إيرادات الموسيقى المسجلة عام 2023م، لكنّ التقدّم الأسرع كان في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى إذ بلغ 24.7 بالمئة ثم لأميركا اللاتينية بنسبة 19.4%.(3)
لذ تظهر أهمية اتفاقية حماية منتجي الفونوغرامات: تُعد واحدة من أبرز الاتفاقيات الدولية التي تهدف إلى حماية حقوق الملكية الفكرية المتعلقة بالتسجيلات الصوتية، تأتي أهميتها في سياق الربح الاقتصادي من عدة زوايا:
1. حماية الحقوق المالية للمبدعين والشركات المنتجة: تضمن الاتفاقية أن يتمتع منتجو الفونوغرامات (التسجيلات الصوتية) بحقوق حصرية على أعمالهم، مثل النسخ، التوزيع، والبث العام، وحماية هذه الحقوق تقلل من خسائر الشركات المنتجة بسبب القرصنة أو التوزيع غير القانوني للمصنفات الصوتية، زيادة الإيرادات المالية من خلال الترخيص القانوني لاستخدام التسجيلات الصوتية.
2. جذب الاستثمارات إلى قطاع الموسيقى تطبيق الاتفاقية بشكل فعّال يعزز ثقة المستثمرين المحليين والدوليين في قطاع الموسيقى بوجود بيئة قانونية واضحة تحمي الحقوق يشجع الشركات العالمية على الاستثمار في الإنتاج الموسيقي المحلي. ويمكن أن تسهم الاتفاقية في خلق شراكات بين شركات الإنتاج المحلية والدولية، ما يؤدي إلى تحسين الجودة وزيادة التنافسية.
3. تنشيط الصناعات المرتبطة بالموسيقى: ستؤدي حماية حقوق التسجيلات الصوتية إلى انتعاش القطاعات المرتبطة بالموسيقى، مثل الإعلام، الإعلانات، الفعاليات الحية، والتطبيقات الرقمية والموسيقى المسجلة التي تحميها الاتفاقية تُستخدم في الأفلام، الإعلانات، ألعاب الفيديو، والتطبيقات، ما يوسع قاعدة الإيرادات.
4. الحد من القرصنة وتعزيز الاقتصاد الموسيقي: القرصنة تعد من أكبر التحديات التي تواجه قطاع الموسيقى، وتُقدر خسائرها بمليارات الدولارات عالمياً وتفعيل الاتفاقية يقلل من الممارسات غير القانونية، ما يدفع الجمهور لاستخدام المنصات الرسمية لشراء الموسيقى أو الاشتراك في خدمات البث وسينعكس ذلك على الإيرادات الضريبية للدولة التي يمكن استثمارها في تطوير القطاع.
5. دعم الإبداع الفني وتعزيز استدامة القطاع: تطبيق الاتفاقية يحفز المبدعين على إنتاج أعمال جديدة بسبب ضمان حقوقهم المادية والمعنوية، حماية منتجي الفونوغرامات تخلق بيئة مستقرة تدعم استمرارية الإبداع الموسيقي وتزيد من جاذبية المجال للأجيال القادمة.
6. دعم رؤية السعودية 2030 م في التنويع الاقتصادي من خلال تفعيل الاتفاقية يمكن للمملكة العربية السعودية تحقيق أهداف رؤية 2030 م في تنويع مصادر الدخل وتعزيز قطاع الموسيقى كجزء من الاقتصاد الإبداعي يسهم في خلق فرص عمل جديدة وزيادة الناتج المحلي الإجمالي، السرعة بتفعيل اتفاقية الفونوغرامات، يعزز مكانة السعودية على الساحة الدولية كداعم للإبداع الفني وحامي لحقوق الملكية الفكرية.
أثر تفعيل الاتفاقية والحماية على الاقتصاد السعودي:
* تفعيل الاتفاقية في المملكة يمكن أن يسهم في زيادة عائدات صناعة الموسيقى، التي تساهم حالياً بشكل متواضع في الاقتصاد الوطني، لكنها تحمل إمكانيات كبيرة.
* زيادة الإيرادات الضريبية: الحماية القانونية ستزيد من الاعتماد على القنوات الرسمية لشراء الموسيقى وخدمات البث، مما يساهم في الإيرادات الضريبية.
* تشجيع الاستثمارات الأجنبية والمحلية بوجود بيئة قانونية تحمي المنتجين سيجذب مستثمرين دوليين، كما سيسهم في إطلاق شركات محلية تركز على الإنتاج الموسيقي والتوزيع.
* تقليل الخسائر بسبب القرصنة بفرض عقوبات على القرصنة وتفعيل دور السلطات المختصة، يمكن تقليص الخسائر السنوية التي تتكبدها الشركات والمبدعون.
* تتماشى مع أهداف رؤية السعودية 2030 م في تعزيز الصناعات الإبداعية وزيادة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي.
لذا أهمية تفعيل اتفاقية حماية منتجي الفونوغرامات يعد استثماراً استراتيجياً لتعزيز الاقتصاد الإبداعي والحد من الخسائر الناتجة عن انتهاكات حقوق الملكية الفكرية، مع وجود إطار قانوني صارم وتطبيق الاتفاقية بشكل شامل، يمكن للمملكة تحقيق إيرادات كبيرة على غرار الأسواق العالمية مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
ختاماً نظراً للثورة المعلوماتية والتطور التكنولوجي، التي أدت إلى مشكلة التعامل مع شكل جديد من أشكال الملكيات الرقمية، إذ يعتبر الابتكار التكنولوجي أو ما يسمى بالعصر الرقمي أحد الروافد المهمة، التي تساهم في التقدم الإنمائي وتقليص الفجوة فيما بين الأمم المتقدمة والأمم النامية، ورغم مساعي الدول سواءً وطنياً أو إقليمياً أو عالمياً، لحماية حقوق الملكية الفكرية، إلا أن الجريمة والقرصنة في العالم الافتراضي تتطور بشكل يجعلها عاجزة أحيانا لحماية تلك الحقوق. فحماية وأمن المصنفات الرقمية أصبح ضرورة من أي وقت مضى ويجب أن تكون محمية ومكفولة بنصوص قانونية وتشريعية، إذ يعتبر توفيرها من ضمن التوجهات الحديثة للمشرعين لحماية المصنفات الرقمية، وذلك بالاعتماد على الأساليب الجيدة في تطوير وتحديث الموارد المكتبية ومنتجات المعلومات، ولا بد من توسع مجال حق المؤلف (المصنف الموسيقي) بصورة هائلة بفعل التقدم التكنولوجي الذي شهدته العقود الأخيرة، والذي أدى إلى استحداث وسائل جديدة لنشر الإبداعات بمختلف طرق الاتصال العالمية، مما يستلزم وجود تقنيات رقابية متطورة لحماية حقوق المؤلف، ولا يقتصر الموضوع على التأليف الموسيقي وكيفية الحفاظ على المؤلفات الموسيقية والتوزيع العادل لعائدات الإنجاز الفني بين جميع المتعاملين، بما في ذلك المؤلف والمترجم والناشر والموزع والمهن الأخرى، ولكن أعمق من ذلك حيث يتصل بكل ما هو تراث وهوية أمة، حيث موسيقى اليوم هي تراث الغد وتعتبر حماية الملكية الفكرية محدداً هاماً لاستقطاب الاستثمار الأجنبي ومؤشراً على تشجيع البحث والتطوير.
التوصيات:
* تفعيل الاتفاقيات الدولية (اتفاقية حماية منتجي الفونوغرامات) لأثرها الاقتصادي المستدام.
* تفعيل الاستثمار في المصنفات الموسيقية للنمو الاقتصادي واستقطاب الاستثمار الأجنبي.
* إنشاء قاعدة بيانات وطنية تسجيل جميع الأعمال الموسيقية لحمايتها من الانتهاكات.
* تفعيل الذكاء الاصطناعي بما يلائم حماية حقوق المؤلف لتشجيع الاستثمار في الملكية الفكرية.
* تشجيع التعاون الدولي والاستفادة من تجارب شركات الإنتاج العالمية بتطبيق حماية المصنفات الموسيقة لاستدامة التدفقات المستمرة من التكنولوجيات الجديدة والمنتجات الإبداعية، لتحقيق أهداف الرؤية السعودية لعام 2030م.
والله الموفق