بقلم المحامية د. رباب احمد المعبي
مما لا شك فيه أن لكل مؤلف على مؤلفه أو مصنفة عدداً من الحقوق منها ما هو معنوي يرتبط بالأشياء غير المادية كحقه في نسبة المؤلف إليه، أو استخدام اسم مستعار له على المؤلف، ومنها ما هو مادي ذو طابع مالي مثل حق المؤلف في الحصول على مبالغ مالية نظير بيع مؤلفه أو استغلاله. وإذا كانت تلك الحقوق ثابتة للمؤلف، إلا أنه في بعض الأحيان قد يحرم منها نظاماً في حالات معينة على النحو الآتي:
1- استخدام المؤلف في الأغراض التعليمية أو البحثية: فإذا كان الأصل هو عدم جواز استخدام المصنف إلا بإذن من صاحبة، إلا أنه استثناء من هذا الأصل يجوز استخدام المصنف لأغراض التعليمية أو البحثية، وهذا ما أكد عليه المنظم السعودي في نظام حماية حقوق المؤلف بالمملكة مقررة أنه “تعتبر أوجه الاستخدام التالية للمصنف المحمي بلغته الأصلية أو بنصه المترجم مشروعة دون الحصول على موافقة المؤلف وذلك استثناء من أحكام المادة الثامنة ومن بين هذه الحالات : “الاستعانة بالمصنف على سبيل الإيضاح في التعليم بواسطة مطبوعات أو برامج إذاعية أو التسجيلات صوتية مرئية وفي الحدود التي يبررها الهدف المنشود، أو بث العمل المذاع لغايات مدرسية أو تربوية أو جامعية أو لغايات التدريب المهني – بثاً بغرض التعليم – بشرط أن يكون هذا الاستخدام متمشياً مع العرف، وأن يذكر المصدر، واسم مؤلف المصنف المستخدم في المطبوع، أو البرنامج الإذاعي، أو التسجيل.” ويتضح من النص السابق أن المنظم السعودي وازن بين حقوق المؤلف وبين الحق العام لجموع المواطنين في الاطلاع على البيانات والمعلومات الواردة في هذا المؤلف أو نشرها لأغراض تعليمية.
2-نسخ نسخة واحدة للاستعمال الشخصي غير التجاري: قد يحدث في بعض الأحيان أن يقوم أحد الأشخاص بعمل نسخة من المؤلف لاستخدامه الشخصي أو التعليمي ألا يتم بشكل تجاري أو ربحي لغرض بيعه، وأن يكون النسخ مقصورًا على حاجة الأنشطة. وألا يضر بالاستفادة المادية من المصنف. د – أن يكون المصنف قد نفد، أو فقدت إصداراته، أو تلفت، وهذا ما اعتبره النظام عملاً مشروعاً..
3-محتوى المؤلف أو الخطب والمحاضرات والمقالات الخاصة به بالمناسبات الوطنية، أو العملية، أو الدينية، أو للرأي العام. وهذا ما أكد عليه المنظم السعودي في المادة الخامسة عشر مقرراً أنه يعد عملاً مشروعاً ” استنساخ أو نشر المقالات الإخبارية السياسية، أو الاقتصادية، أو الدينية المنشورة في الصحف أو الدوريات، وكذلك المصنفات الإذاعية ذات الطابع المماثل بشرط ذكر المصدر بوضوح واسم المؤلف إن وجد “.
ولقد توسع المنظم السعودي في هذا الجانب مقرراً مشروعية استنساخ الأعمال العلمية أو المؤلفات بالمشاهدة أو السماع، وهذا ما أكد عليه نظام حماية حقوق المؤلف السابق الإشارة إليه مقررة أنه يعد عملاً مشروعاً “استنساخ أي مصنف يمكن أن يشاهد أو يسمع بمناسبة عرض أحداث جارية عن طريق التصوير الثابت أو المتحرك بشرط أن يكون ذلك في حدود الهدف الإعلامي المراد تحقيقه ومع الإشارة إلى اسم المؤلف ” ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد، بل سمح المنظم باستنساخ أي مصنف أدبي، أو فني أو علمي بالتصوير الفوتوغرافي أو بطريقة مشابهة إذا كان قد سبق وضعه في متناول الجمهور بصورة مشروعة، وذلك إذا كان الاستنساخ من قبل مكتبة عامة، أو مركز توثيق غير تجاري، أو مؤسسة علمية، أو معهد تعليمي، بشرط أن يكون ذلك الاستنساخ وعدد النسخ مقصوراً على احتياجات أنشطتها، وبشرط ألا يضر ذلك بالاستنساخ بالاستغلال المالي للمصنف، أو يتسبب في ضرر لا مبرر له للمصالح المشروعة للمؤلف، وسمح المنظم السعودي أيضاً باستنساخ الخطب والمحاضرات والمرافعات القضائية وغيرها من المصنفات المشابهة المعروضة علناً على الجمهور، وذلك إذا تم الاستنساخ من قبل الصحافة أو غيرها من وسائل الإعلام بشرط ذكر اسم المؤلف بوضوح، وعلى أن يحتفظ المؤلف بحق نشر هذه المصنفات بالطريقة التي يراها .
ولقد سمح المنظم كذلك بعرض أو أداء أو تمثيل المصنف بعد نشره في جمعية أو ناد أو مدرسة ما دام هذا العرض أو الأداء أو التمثيل لا يأتي بأي حصيلة مالية بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وإيقاع أو أداء المصنف بعد نشره من قبل الفرق الموسيقية التابعة للقوات المسلحة العسكرية، أو الفرق التابعة للدولة، أو الأجهزة ذات الشخصية المعنوية العامة، ما دام هذا الإيقاع أو الأداء لا يأتي بأي حصيلة مالية بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ،والتقاط صور جديدة لأي شيء سبق تصويره ً فوتوغرافيا ونشرت الصورة، حتى ولو أخذت الصورة الجديدة من ذات المكان وفي نفس الظروف التي أخذت فيها الصورة الأولى”. أما حول حقوق الملكية الفكرية بالأنظمة والأحكام القضائية وقرارات الهيئات للهيئات الإخبارية والإعلامية والوثائق الصادرة عنهم هل تتمتع بالحماية المقررة نظاماً في مجال الملكية الفكرية أم لا؟ لقد أجابت على هذا التساؤل المادة الرابعة والمعنونة بالمصنفات المستثناة من الحماية: مقررة أنه “لا تشمل الحماية المقررة بمقتضى هذا النظام وهي:
أ – الأنظمة والأحكام القضائية وقرارات الهيئات الإدارية والاتفاقات الدولة وسائر الوثائق الرسمية، وكذلك الترجمات الرسمية لهذه النصوص، مع مراعاة الأحكام الخاصة بتداول هذه الوثائق .
ب – ما تنشره الصحف والمجلات والنشرات الدورية (والإذاعة والتلفزيون) من الأخبار اليومية أو الحوادث ذات
خلاصة القول إن المنظم السعودي جاء موفقاً في الموازنة بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة في حقوق المؤلف.
