عرفت المادة الأولى من اللائحة التنفيذية الابتكار بأنه: “الطابع الشخصي الذي يعرضه المؤلف في مصنفه ويعطي المصنف تميزاً وجدة، ويبرز المصنف من خلال مقومات الفكرة التي عرضها أو الطريقة التي اتخذها لعرض هذه الفكرة”.ويتضح من النص أن الابتكار هو إذا أساس الحماية وعمودها الفقري، فلا حماية بدون ابتكار، وهذا يعني أن النظام يحمي الشخص لأنه صاحب حق. ويلاحظ أن هناك فرق بين الأصالة والجدة، والحماية ترتبط بالأصالة ولا ترتبط بالجدة، إذ يكفي أن يضفي المؤلف طابعة الشخصي المتميز على مصنفه مما يجعل المصنف متميزاً عن سواه من المصنفات الأخرى من نفس النوع .
أتفق غالب الفقه القانوني على أن عنصر الابتكار هو المحور الذي تدور حوله الحماية النظامية لحق المؤلف فإذا وجد هذا العنصر كان من حق صاحب العمل الفكري(المؤلف) طلب الحماية النظامية لمؤلفه، ومتى انعدم انعدمت الحماية النظامية له. ورغم حرص جل التنظيمات القانونية على ضرورة توافر هذا العنصر باعتباره الشرط الرئيس للحماية القانونية لحق المؤلف ويتعين هنا الإشارة إلى أن عنصر الابتكار ليس من المصطلحات الحديثة الاستخدام؛ إذ أشار إليه عدد من فقهاء الشريعة الإسلامية مؤكدين على أن العالم (المؤلف) يتعين أن يضمن مؤلفة مجموعة من المعاني الجديدة التي لم يستخدمها أحد من قبله، لأن الحوادث والوقائع لا منتهي لها ولا تقف عند حد فالابتكار قد يكون في الإنشاء والتكوين، وقد يكون في التعبير، أو في طريقة العرض أو التناول.
وتعددت تعريفات الابتكار فمنها “المجهود الذهني الذي يبذله المؤلف معبرا بذلك عن فكرة جديدة تعكس طابعة الشخصي الخاص وبصمته الخاصة على هذا العمل” وعرفها البعض الآخر بأنها ” البصمة الشخصية التي يضعها المؤلف على مصنفه” ، بينما ذهب البعض إلى أن الابتكار يمثل ” الإنتاج الذهني الذي يتميز بد من الجدة والأصالة في طريقة العرض أو التنفيذ، ويكون من شأنه أن يبرز شخصية صاحب هذا النتاج” . ورأى آخر أن عنصر الابتكار يعبر عن ” الطابع الأصيل الذي من شأنه أن يبرز شخصية المؤلف من خلال طريقته في عرض الفكرة، أو أدواته المستخدمة في هذا العرض” .
و يثار تساؤل حول مفهوم الابتكار حينما يكون المؤلَف أو المصنف ليس من تأليف صاحبة فهل يحق لصاحب المصنف في هذه الحالة أن يحظ بالحماية النظامية أم لا؟
أجابت على ذلك بعض أحكام القضاء واعترفت بالحماية النظامية في بعض الحالات مثل ترجمة الكتب، واشترطت أن يكون العمل حديثاً في نوعه ومتميزاً بطابع شخصي مما يضفي عليه وصف الابتكار وإن كان إعادة لقراءة كتاب أو ترجمة لمؤلف أو مصنف قديم.
ونخلص مما سبق إلى القول بأن عنصر الابتكار يعد ركناً رئيساً لحق المؤلف فهو يدور وجوداً وعدماً معه، كما أن هذا العنصر لا ينحصر في إنشاء عمل من عدم؛ بل يكفي لتوافره وجود طابع شخصي مميز لصاحب المؤلف أو المصنف يميزه عن غيره، بحيث يضفي صاحب العمل على عمله سماته الشخصية سواء في طريقة عرض أفكاره أو تميز الأدوات المستخدمة في العرض.
مع تحيات
المحامية والباحثة في الملكية الفكرية د. رباب احمد المعبي Rabab_Almoobi@
966570773999+، 966504647649+، [email protected]